Google Search

الاثنين، 29 أبريل 2024

عمال فلسطين بين مطرقة الاستغلال وسنديان الارهاب الصهيوني

 

كتب محمد محفوظ جابر*

 

أعلن الاتحاد العام لنقابات عمال فلسطين، عن إلغاء فعاليات يوم العمال العالمي، الذي يصادف الأول من أيار/ مايو، مكتفياً بإطلاقها من القدس المحتلة.

وتقرر هذا العام إلغاء كافة الفعاليات نظراً لما تتعرض له البلاد من حرب إبادة خاصة في قطاع غزة، وشلال الدم، والقتل الممنهج، والتدمير الكبير، من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي.

كنت أتمنى أن يكون هناك فعاليات في هذا اليوم العالمي للعمال، تؤكد على دور العامل الفلسطيني والاضطهاد المزدوج الذي يعاني منه وهو الاضطهاد الطبقي واضطهاد الاحتلال الصهيوني العنصري ودعوة عمال العالم للوقوف إلى جانب عمال فلسطين في ظل حرب الإبادة في قطاع غزة، تماماً كمساندة الحركة الطلابية العالمية في وقفتها المشرفة.

ولا ننسى أن عمال الضفة و غزة يحلون مكان جنود الاحتلال الذي يشاركون في الحروب العدوانية على الشعوب العربية وكذلك الحرب على غزة والعمليات العسكرية الإرهابية الصهيونية على أهداف في مدن ومخيمات الضفة الفلسطينية، ولكن الاتحاد العام لعمال فلسطين لم يقدم شيئاً لإنهاء هذا الموضوع، منذ الاحتلال 1967 بسبب تبعية الاقتصاد الفلسطيني للاقتصاد الإسرائيلي.

إن العمل في الكيان الصهيوني متقلب ويخضع لظروف الوضع الأمني للكيان وهو مضطرب لا استقرار فيه، إذ عندما تزداد أعمال المقاومة يقل عدد العاملين في الكيان والعكس بالعكس، فالعاملون الفلسطينيون لا يملكون الاستقرار الاقتصادي ولا حتى الأمان، إذ يتعرضون للإهانة والاعتقال كمشبوهين بأن لهم دور في ما يحدث من عمليات فدائية حتى في يوم 7 أكتوبر 2023 تم اعتقال كل من تواجد من عمال غزة في الداخل الفلسطيني والتحقيق معهم حول دورهم وعلاقتهم وهل زودوا المقاومة بالمعلومات؟

قال المستشار القضائي لنقابة العمال العرب في مدينة الناصرة المحتلة 1948، المحامي وهبة بدارنة، أن النقابة طالبت من خلال رسالة وجهتها إلى سلطة السجون، والمفتش العام للشرطة الإسرائيلية، بـ"الكشف عن ظروف وفاة 44 عاملاً فلسطينياً من قطاع غزة، فقدوا حياتهم خلال فترة اعتقالهم في مراكز الاعتقال الإسرائيلية منذ السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023 ولغاية منتصف شباط / فبراير 2024".

بينما قال وزير العمل الفلسطيني نصري أبو جيش: "بعد العملية العسكرية في السابع من أكتوبر، اعتقلت إسرائيل العمال ونكلت بهم، وأرسلت البعض إلى الحواجز مع الضفة، حيث استقبلنا حتى الآن 5200 عامل من قطاع غزة، ونرجح أن هناك 4000 عامل لا يزالون في إسرائيل، جزء منهم في معسكرات لدى الاحتلال قرب غلاف غزة وجزء في معسكرات قرب بيتونيا وجزء آخر في معسكر قرب القدس" وكالة أنباء العالم العربي (AWP).

وأضاف أن من قدموا إلى الضفة أكدوا أنهم تعرضوا للتنكيل والحرمان من الماء والطعام، وتم التحقيق معهم "حتى إن الاحتلال اعتقل ما يقارب 70 عاملاً منهم من مراكز الإيواء في الضفة، وتحديداً من الخليل". وتابع: "وما هو مؤكد أن 2000 عامل من غزة معتقلون لدى إسرائيل ".

وقالت المحامية من هموكيد نادية دقة: "لم يكن لدينا أي اتصال مع عمال غزة أثناء احتجازهم. هذا أشد أنواع الاعتقال السري".

وفي 23 أكتوبر/ تشرين الأول، قدمت ست منظمات حقوقية في إسرائيل التماساً عاجلاً إلى "المحكمة العليا" الإسرائيلية، تعلن فيه أن السلطات الإسرائيلية رفضت تقديم أي معلومات حول مكان احتجاز العمال، والقانون الذي يُحتجزون بموجبه، وإلى متى.

وحسب الكاتب مهند عبد الحميد، أنه في اليوم الثاني لطوفان الأقصى "ألغت سلطات الاحتلال مرة واحدة، ومن دون سابق إنذار، كل تصاريح العمال الغزيين، وأزالتها عن شبكة الإنترنت، محولة وجودهم داخل إسرائيل إلى وجود غير شرعي، فأضحوا عرضة للاعتداء والعقاب والتهديد. كما جرى قتل أربعة عمال في أثناء عودتهم إلى القطاع بذريعة أنهم مقاتلون.

ويواجه العمّال الفلسطينيّون العديد من الأمور في صراعهم مع الاحتلال ومن بينها:

التميّيز ضدّ العمّال الفلسطينيّين في الأجر وفي الحقوق الاجتماعيّة، كما يتمّ الربط بين العامل والمُشَغِّل، وتسود ظروف أمن وأمان متدنيّة في مكان العمل، ويتمّ إلغاء تصاريح العمّال من قِبَل مديريّة التنسيق والارتباط الاسرائيليّة من دون سابق إنذار بسبب الأوضاع الأمنيّة، ولا يتمّ دفع المستحقّات الاجتماعيّة للعمّال الفلسطينيّين، مثل مستحقّات النقاهة، والإجازة السنويّة، والإجازة المرضيّة، وغيرها من الحقوق.

كما أن عمليّة وصول العمال الفلسطينيين إلى أماكن عملهم هي عمليّة طويلة وشاقة، حيث يضّطرّ الكثير منهم الخروج في ساعات مبكرة جدّاً للوصول إلى المعابر، وينتظرون بطابورٍ طويلٍ حتّى يتمّ فتح الأبواب. وبعد خروجهم، يتوجّب عليهم البحث عن طريقة للوصول إلى مكان العمل. ويتعرض العمال الفلسطينيون لاستغلال سماسرة التصاريح والسواقين.

وكانت تقارير إسرائيلية أفادت بأن الحكومة تنوي الاستغناء عن آلاف العمال الفلسطينيين الذين قيدت دخولهم إسرائيل بعد هجوم طوفان الأقصى والاستعانة بنحو 80 ألف عامل أجنبي، مما أثار مخاوف بشأن حقوق العمالة الفلسطينية وما تنطوي عليه هذه الخطوة من مخاطر أمنية واقتصادية، وكذلك أثار مخاوف تتعلق أيضاً بحقوق العمال الأجانب.

وفي اجتماع بالكنيست في 25 ديسمبر2023، تمت الإشارة إلى أن تكلفة الاستمرار في حظر العمال الفلسطينيين قد تصل إلى 3 مليارات شيقل (830 مليون دولار) شهرياً.

ويؤيد أصحاب الشركات الإسرائيلية بشكل عام عودة العمال الفلسطينيين الذين ألغيت تصاريح عملهم بعد بدء الحرب في 7 تشرين الأول / أكتوبر، وفق ما يقول رئيس غرف التجارة الثنائية دان كاتاريفاس في مقابلة مع فرانس برس، والذي أكد أنه كان لـ 120 ألف فلسطيني تصاريح للعمل في إسرائيل قبل الحرب. وتجاوزت خسائر إسرائيل بسبب تعطل العمالة الفلسطينية منذ بدء الحرب مليار دولار أميركي.

وأدى غياب العمال، من جنود الاحتياط، والذين تم إجلاؤهم من منازلهم بالقرب من الحدود، والمضطرين لرعاية أطفالهم لأن المدارس تعمل بشكل جزئي، إلى فرض ضغط كبير على قطاع الصناعة.

وأعلن الجيش الإسرائيلي، تسريح بعض جنود الاحتياط الذين تم استدعاؤهم للحرب في غزة، وهي خطوة قال إنها ستساعد الاقتصاد في الوقت الذي تستعد فيه البلاد لحرب طويلة الأمد.

ووفقاً للحكومة الإسرائيلية، كان هناك ما يقرب من 30 ألف عامل تايلاندي في إسرائيل قبل 7 اكتوبر، وقدرت الحكومة الإسرائيلية أن 10 آلاف عامل زراعي غادروا البلاد منذ ذلك الحين، في حين فقد نحو 120 ألف فلسطيني وظائفهم بأعمال البناء الإسرائيلية في المستوطنات.

وقد أشار وزير العمل الفلسطيني نصري أبو جيش: "وضع العمال في الضفة أيضاً سيئ، فهناك 160 ألف عامل عاطلون عن العمل، وهذا سيضاف لنسبة البطالة في فلسطين التي سترتفع بشكل ملحوظ".

وأكد أن هذه النسب العالية من البطالة ستؤثر بشكل عام على الاقتصاد الفلسطيني الضعيف أصلاً والذي يعتمد على أموال المقاصة بشكل أساسي.

وقال أن هذه الحرب دمرت الاقتصاد الفلسطيني، حيث خسر اقتصادنا أكثر من 40% من ناتجه وقوته، وفقدنا آلاف العمال وأصحاب العمل، وجرح ونزف الآلاف من العمال وأصحاب العمل كباقي أبناء الشعب الفلسطيني، وتهدمت بيوتهم وأماكن عملهم ومنشآتهم ومصانعهم.

ولا تمتلك السلطة الفلسطينية رؤية واضحة لحل قضايا العمال لأن اقتصادها مرتبط باقتصاد الاحتلال وليس اقتصاداً مستقلاً، ويجب التذكير أن الطبقة البرجوازية الفلسطينية لا تقصر في استغلال العمال الفلسطينيين أيضاً، مما يزيد تعقيد حياتهم.

ألا يستحق هؤلاء العمال الذين يغمسون لقمة عيشهم بالذل الذي يتجرعونه من سلطات الاحتلال الصهيوني، وعدم وجود حلول لقضاياهم، وقفة تضامنية عالمية لمساندتهم؟

 

*باحث وكاتب من الأردن