Google Search

الثلاثاء، 9 يوليو 2024

تهريب العمال... السبيل الوحيد أمام الفلسطينيين لدخول إسرائيل - بلغ عدد المتجاوزين للحدود ما يزيد على 35 ألفاً بعد رفض حكومة نتنياهو الاستعانة بهم

 


بعد تسعة أشهر على حرمان أكثر من 200 ألف فلسطيني من الرجوع إلى عملهم داخل إسرائيل، اضطر الآلاف منهم إلى المخاطرة بحياتهم للوصول إلى أماكن عملهم التي لم يجدوا لها بديلاً في السوق الفلسطينية.

ويرغم العمال الفلسطينيون على استخدام مركبات الإسعاف الإسرائيلية ومركبات الشرطة الإسرائيلية المزورة والاختباء في الشاحنات لدخول تل أبيب، إضافة إلى تسلق الجدار الفاصل بين جانبي الخط الأخضر.

35 ألف عامل فلسطيني

ومع أن السلطات الإسرائيلية تشن منذ أشهر عدة حملة ضد ظاهرة "العمالة غير القانونية"، فإن أكثر من 35 ألف فلسطيني يدخلون بالتهريب إلى إسرائيل.

ووصل عدد العمال الذين اعتقلتهم الشرطة الإسرائيلية منذ بداية الحرب في أكتوبر (تشرين الأول) 2023 إلى  نحو 6 آلاف، ولا تقتصر ملاحقة الشرطة الإسرائيلية على العمال الفلسطينيين، لكنها تعمل على إغلاق المحال والمصالح التجارية والمنشآت التي يعملون فيها داخل إسرائيل، في ظل فقدان أكثر من نصف مليون فلسطيني من قطاع غزة والضفة الغربية عملهم بينهم أكثر من 200 ألف كانوا يعملون في إسرائيل، وفق تقديرات الاتحاد العام لنقابات عمال فلسطين.

ومن الأساليب المستخدمة في تهريب العمال وضعهم في صنادق المركبات الخلفية، أو إخفاؤهم في مركبات مموهة بشعار الشرطة الإسرائيلية، أو استخدام مركبات إسعاف.

وقبل أسابيع اتهمت تل أبيب جندية إسرائيلة وزوجها بتهريب عشرات الفلسطينيين الذين لا يحملون تصاريح إلى داخل إسرائيل عبر إخفائهم في المقعد الخلفي لمركبتها.

وأشارت لائحة الاتهام إلى أن الجندية هرّبت فلسطينيين لنحو 30 مرة، وفي بعض الحالات خلال ارتدائها زي الجيش الإسرائيلي.

وترفض تل أبيب السماح بدخول العمال الفلسطينيين إلى إسرائيل للالتحاق بعملهم على رغم توصية الأجهزة الأمنية الإسرائيلية بضرورة القيام بذلك خشية تفجر الأوضاع في الضفة الغربية.

تسلق الجدار

ويضطر الفلسطيني محمد جبريل إلى تسلق الجدار الفاصل بين جانبي الخط الأخضر الذي يبلغ ارتفاعه ثمانية أمتار باستخدام السلالم للوصول إلى مكان عمله على رغم المخاطرة الكبيرة على حياته.

وبعد ذلك يستقل مركبة لإيصاله إلى مكان عمله داخل إسرائيل مقابل دفعه مبالغ مالية باهظة، بسبب ملاحقة الشرطة الإسرائيلية.

 

ويمكث جبريل أسابيع عدة في مكان عمله حيث ينام ولا يخرج منه بسبب الملاحقة المتواصلة للعمال "غير القانونيين"، ويقول إن العمال الفلسطينيين لا يخرجون من أماكن عملهم حتى للحصول على الأكل خوفاً من الاعتقال، وكل من يتحرك على الشوارع مشتبه فيه، مشيراً إلى أن المشغلين في إسرائيل قد تفرض عليهم غرامة مالية وتغلق مصالحهم التجارية إذا تم اكتشاف العمال الفلسطينيين فيها، ووصف ظروف المبيت في أماكن العمل بالسيئة، خصوصاً في ورش البناء.

وتحذر الشرطة الإسرائيلية من أنها لن تتسامح مطلقاً مع من ينتهك القانون وقد يضر بأمن المواطنين، بخاصة في أوقات الحرب.

مستويات غير مسبوقة 

وبحسب الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، فإن نسبة البطالة قفزت بين الفلسطينيين إلى "مستويات غير مسبوقة لتصل في قطاع غزة إلى 75 في المئة، وبلغت 32 في المئة ضمن الضفة الغربية، حيث ارتفع عدد العاطلين من العمل إلى 317 ألفاً خلال الربع الرابع من عام 2023 مقارنة بنحو 129 ألفاً في الربع الثالث من 2023.

وأشار الأمين العام للاتحاد العام لنقابات عمال فلسطين شاهر سعد إلى أن آلاف العمال الفلسطينيين يخاطرون بحياتهم للوصول إلى أماكن عملهم داخل إسرائيل بسبب قلة فرص العمل في فلسطين وسط الحظر الذي تفرضه تل أبيب على منحهم تصاريح عمل ودخولهم عبر الحواجز العسكرية.

ويوضح سعد أنه بعد تسعة أشهر من توقف العمل وانتهاء مدخرات العمال، يضطر هؤلاء إلى العودة بأي وسيلة كانت في ظل غياب الحماية الاجتماعية أو الضمان الاجتماعي، مشيراً إلى حصول نحو 14 ألف عامل فلسطيني على تصاريح استثنائية للعمل في إسرائيل، إضافة إلى 20 ألفاً يعملون ضمن المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية.

تراجع اقتصادي

ويعرب الباحث في مرصد السياسات الاجتماعية والاقتصادية فراس جابر عن اعتقاده بوجود اتفاق ضمني بين السلطات الإسرائيلية والمشغلين الإسرائيليين والعمال الفلسطينيين على دخول إسرائيل لاستئناف العمل، شارحاً أن التراجع الاقتصادي الهائل في قطاعات الصناعة والبناء والزراعة يدفع إسرائيل إلى التغاضي عن دخول العمال الفلسطينيين بسبب غياب البديل عنهم، في ظل استمرار القرار الرسمي بمنعهم. ولفت إلى أنه بعد تسعة أشهر "لم تخلق سوق العمل الفلسطينية  فرصاً لأكثر من 200 ألف عامل في ظل أجور أقل بكثير مما كانوا يحصلون عليه في إسرائيل".

ويرى المحلل الاقتصادي وائل كريّم أن تبعية الفلسطينيين الاقتصادية لإسرائيل وغياب اقتصاد فلسطيني مستقل ولو جزئياً يدفعان العمال إلى المخاطرة بحياتهم من أجل كسب الرزق، موضحاً أن الحكومات الفلسطينية المتعاقبة لم تعمل على خلق اقتصاد فلسطيني مستقل بعيداً من إسرائيل ومضيفاً أن بروتوكول باريس الاقتصادي فرض قيوداً على ذلك على رغم وجود ثغرات فيه يمكن الاستفادة منها.

وأردف كريّم أن العمال الفلسطينيين في إسرائيل يعانون حالاً لا تطاق بسب عدم وجود أماكن عمل بديلة، ويمكنهم الوصول إلى عملهم الذي يبعد منهم كيلومترات قليلة في إسرائيل، على رغم الأخطار.

وأشار إلى "وجود شبه اتفاق ضمني بين السلطات الإسرائيلية والمشغلين والعمال لغض الطرف عن دخول آلاف العمال إلى إسرائيل لخدمة المصالح الإسرائيلية الاقتصادية والأمنية".

وقال إن جهاز "شاباك" الإسرائيلي "يوصي بتخفيف الضغوط على الفلسطينيين وإيجاد معادلة تمنع ’الغرق‘، مقابل بقاء التبعية".